الإعلام الجزائري في ظل التعددية

مما لا شك فيه أن الاعلام يعتبر الركيزة الأساسية في مسار التطور والتنمية والتقويم الذي تنتهجه الأنظمة السياسية بهدف مواكبتها للتقدم الحاصل وهو بذلك يحدد مشروع المجتمع وفق لاستراتجيات محددة تعتمد في ذلك على أسس لا يمكن تجاوزها ،لأنها تعد أساس بناء المجتمع من أجل الدفع إلى تحقيق الغايات والمحافظة على المصالح العليا للوطن .

والصحافة بمختلف أنواعها حملت على عاتقها قضايا الناس وتباشر في متابعة مشاكلهم والاضطلاع بمهمة إيصالها إلى نقاط الحكم المختلفة وكونها ثقافية لأنها تمارس نوعا من التوجيه والتوعية وكونها أيضا سياسية اقتصادية لأنها تشكل جزاء من الاستراتجية السياسية العامة للبلاد فهي تساهم في تبليغ القرارات والتنظيمات وهي بذلك قناة أساسية في يد أنظمة الحكم .

وهكذا فإن الصحافة التي يرد لها أن تعمل بجدية وتساهم بمعقولية في ايجاد تصورات صحية لمشاكل مزمنة من الجهة والمقابلة أن تعطي لها كل الامكانيات والوسائل الممكنة حتى تستطيع أن تفي بكل هذه الأعمال التي نراها ثقيلة بالنظر الي مختلف الأعمال التي يقوم بها مؤسسات أخري في الدولة. لقد عرف الإعلام في الجزائر تغيرات حثيثة وعميقة وكان ملزما على مواكبة لمجمل الأحداث التي عرفتها الجزائر قبل الثورة .

فبعد الاستقلال الوطني ورثت الجزائر تركة محملة بالعناوين والتشريعات من المستعمر الفرنسي، حيث ما انفك المستعمر في مواصلة درب السياسة التعسفية التي كانت يخوضها في الجزائر في جميع جوانب الحياة العامة وكذلك السياسية، مما جعل الشعب الجزائري يقع مرة أخرى في خيبة أمل استرجاع جميع حقوقه المسلوبة التي ظلت لأكثر من قرن ونصف حيث سارعت السلطة الوطنية لعملية تأميم الصحافة الوطنية لما لها من أهمية في السيادة الوطنية وهذا بإلغاء جميع التشريعات الفرنسية واستحداث قوانين جزائرية تهتم بالإعلام والصحافة في ظل استرجاع السيادة الوطنية.

ولقد عرف الإعلام الجزائري اليوم ولاسيما القطاع السمعي البصري تحولات كبيرة، سواء ما تعلق بطبيعة النشاط الإعلامي في الوسائل المسموعة والمرئية أو فيما تعلق بالهياكل وعدد القنوات وخصائصها، وقد جاء هذا التحول كحتمية للتغيير الشامل الذي عرفته الجزائر عقب دستور فبراير 1989، وكذا إدراك الدولة لأهمية الدور الذي قد تلعبه الإذاعة والتلفزيون، ومدى تأثيرها على الجماهير.

وكنتيجة حامية لهذه المرحلة التي اتسمت بالفوضى السياسية وتردي أوضاع الاجتماعية والأمنية في الجزائر فإن قطاع الاعلام عرف كيف يخرج من قبضة الحزب الواحد الي التعددية الحزبية والإعلامية في نفس الوقت حتى لو بشكل صوري. فقد ساهم في تطوير هذا القطاع وغيرت نظرة الموطن إليه وجعلته في طليعة وسائل الاعلام ذات الحضور الصادق وخير دليل على ذك تغطيته لحرب الخليج الثانية والمصداقية التي تناولها في تغطية هذه الأحداث. وحينها عاود الجزائري ثقته في إعلامه تاركا أعتى وسائل الإعلام العالمية، رغم الحصيلة الثقيلة التي قدمتها وسائل الاعلام في الجزائر في العشرية السوداء من إغتيالات في حق الصحافيين ورغم كل هذا يبقي الصحفي الجزائر بأسلوبه التحدي في مواجهة الأحداث الراهنة تحدي نحو مستقبل أفضل للإنتاج الاعلامي في الجزائر في جميع وسائل الإعلام.

Leave a Reply